کد مطلب:306575 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:167

حق یعود: و کتاب یمزق


.. وها هی الفلذة تعود إلی بیتها مكبلة بأحزانها.. و علی والحسنین و فضة ملتفین حولها، یتطلعون إلیها بنظراتهم الملیئة بالألم والحزن..

حتی ان قال لها أمیرالمؤمنین:

- (لمَ لا تأتی أبابكر وحده، فأنه أرق من الآخر و قولی له: ادعیت مجلس أبی و انك خلیفته، و جلست مجلسه و لو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردها علیّ).

.. فبانت خطوط أمل علی جبین الزكیة.

و ما كان الیوم التالی حتی أتته سلام اللَّه علیها.. و قالت له ذلك،

.. فطأطأ الخلیفة رأسه إلی الأرض و هو یشعر بندم و خیبة، قائلاً:

- (صدقت).

و علی الفور دعا بكتاب، فكتبه لفاطمة برد فدك إلیها.. و ما أوشكت الزهراء ان تخرج من عنده، و فی یدها الكتاب، و خواطرها تحفها بالآمال التی بنتها من أجل المستضعفین، و اتحاد شوكة المسلمین، و سد حاجات المحتاجین..

لكن خیالاً أسوداً خیم علی تلك الخواطر، فمنعها عن الاسترسال فی حلمها الجمیل هذا.


اجل: دخل الرجل بوجهه الذی أشبه أن یكون بصخرة ملساء تحت لیلة ماطرة.. ثم حرك طرفه بدهاء و قال متأفئفاً:

- (ما هذا الكتاب)؟!

فالتفت الخلیفة إلیه و هو یضع دواته من یده قائلاً:

- (إن فاطمة ادعت فی فدك و شهد لها أُم أیمن و علی وولداها، فكتبته).

فأدار عمر برأسه نحو بنت نبیه واجتذب الكتاب من بین یدیها.. ثم مزقه تمزیقاً، و رمی بنفایاه فی فضاء المكان [1] و هو یردد قائلاً:

- هذا فی ء المسلمین، ان أوس بن الحدثان و عائشة و حفصة یشهدون علی رسول اللَّه بأنه قال: «إنا معاشر الانبیاء لا نورث ما تركناه صدقة».

.. فلیت شعری سیدتی من تلك فی الوجود، كی ترد شهادتها.

أو ما شهد هو والمسلمون ذلك المنظر الذی لا ینساه التأریخ، ذلك المنظر الذی اجلی النبی عن ابنته حقیقة سامیة.

.. حینما خرج علی سكینة و هو ممسك بید ابنته فاطمة، و ینادی بنبرات ثاقبة یغبطها الفخر، و قد توجتهما شمس الافق بأشعتها فصاح منادیاً:

- (من عرف هذه فقد عرفها و من لم یعرفها فهی فاطمة بنت محمد صلی اللَّه علیه و آله و سلم و هی بضعة منی


و هی قلبی و هی روحی التی بین جنبی).

و فی بعض الروایات: «فاطمة منی یبسطنی ما یبسطها و یقبضنی ما یقبضها».

و هذا ما رواه الفریقان [2] . و تناقلت أصحاب التواریخ سنة و شیعة علی ان (رسول اللَّه أعطی فدكاً لابنته و ذلك فی تفسیر «و آت ذا القربی حقه»). [3] .

والاعجب بل الاغرب سیدتی، ان الرجل یرد شهادتك و انت بضعة نبیه سید الانبیاء و الرسل، و الذی انزل اللَّه علیه الوحی والتنزیل الذی بین یدیه و هو ینقل (آیة التطهیر) التی اشرنا إلیها سابقاً، والتی تجلی عن طهارتكم من كل رجس.

فكیف یرد شهادة من أذهب اللَّه عنهم الرجس و طهرهم تطهیراً، و یأخذه بشهادة عائشة.


[1] «عمر يمزق كتاب فدك» لفاطمة الذي أخذته من أبي بكر: سيرة الحلبي ج 3 ص 391، كذلك رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج، الاختصاص للشيخ مفيد والشافي للسيد المرتضي ص 236 و تلخيص الشافي للطوسي ص 48، البخاري: ان فاطمة بنت النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم ارسلت إلي أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم مما افاء عليه بالمدينة و فدك و مما بقي من الخمس من خيبر فأبي أبوبكر ان يدفع الي فاطمة منها شيئاً فوجدت فاطمة علي أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتي توفيت فلما دفنها زوجها علي ليلاً و لم يؤذن بها أبابكر، صحيح البخاري ج 5 ص 177 ط دارإحياء التراث العربي، السنن الكبري ج 6 ص 300 ط دار صادر، تاريخ الامم والملوك ج 2 ص 448 منشورات الأعلمي، شرح النهج ج 16 ص 280 ط مكتبة المرعشي النجفي واضاف دفنها علي والحسن والحسين و غيبوا قبرها.

[2] كنزالعمال ج 6 ص 219، مستدرك الصحيحين ج 3 ص 158، البيهقي في سننه ج 7 ص 64، أيضاً نقلها مستدرك الصحيحين ج 3 ص 154، أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 ص 323 و ص 332، كما وقد أخرجه الطبراني، سيرة الحلبي ج 3 ص 391، و تلخيص الشافي للطوسي ص 48.

[3] نقله صاحب الدر المنثور في تفسير (و آت ذا القربي حقه) في سورة الاسراء، الهيثمي في مجمعه ج 7 ص 49، الذهبي في ميزان الاعتدال ج 2 ص 228، الطبراني، المتقي في كنزالعمال ج 2 ص 158، الحاكم في تاريخه، ابن النجار، كما قد أخرجه (ابن مردويه عن ابن عباس).